after Header Mobile

after Header Mobile

الدَّقْ تَمْ..وثيقة سلطانية لسنة 1891 تكشف مغربية العرجة وارتباطها التاريخي بواحة فگيگ…

الصحراء اليومية/العيون
تكشف وثيقة سلطانية نادرة صادرة عن ديوان السلطان مولاي الحسن الأول سنة 1891 عن دليل تاريخي راسخ على مغربية منطقة العرجة وارتباطها الطبيعي والإداري بواحة فگيگ، بما يفنذ كل الادعاءات اللاحقة التي حاولت التشويش على انتماء هذا المجال الترابي للمغرب.

‏فالرسالة، المؤرخة في 15 جمادى الأولى 1308 هجرية والموجهة إلى شيخ جماعة فگيگ آنذاك الحاج بومدين الزناكي، تبرز بوضوح ممارسة الدولة المغربية لسيادتها الفعلية على العرجاء ومحيطها، من خلال أوامر سلطانية تتعلق بتنظيم المسالك التجارية وتعيين المسؤولين المخزنيين وإقامة نقاط القبض والجباية على القوافل العابرة بين فگيگ وتوات ووادي الساورة وتافيلالت والواحات الشرقية.
‏وتبدأ الوثيقة بقول السلطان:
‏ “خديمنا الأرضي الحاج بومدين الزناكي وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله وبعد، وصل كتابك بأن أكسيم لا يصلح للولاية لما شرحته حسبما بالرسم الذي وجهت بحيث طالب توجيه أمين بقصد قبض المستفاد وجعل ضابط له في ذلك، وصار بالبال، أما أكسيم فقد أرحناه وولينا غيره…”
‏وهو ما يكشف تدخل السلطان المباشر في إدارة المنطقة وتغيير الولاة بناء على التقارير المحلية. ثم يواصل السلطان أوامره بتعيين مسؤول جديد مكلف بالقبض قائلاً:
‏”وأما ما طلبته من توجيه أمين لقبض مستفاد القوافل فقد وجهنا الخديم أحمد بن كيران الفاسي لقبضه، فنأمرك أن تسد عضده أنت والخديم القائد محمد بن عمر المراكشي، وقد أمرناه بذلك…”

um6p
‏مما يثبت أن الجهاز المخزني كان حاضرا بشكل منظم ودقيق، وأن فگيگ والعرجة كانت خاضعة لتراتبية إدارية مركزية تنطلق من الديوان السلطاني نفسه. وتبلغ أهمية الوثيقة ذروتها عند ذكر المواقع التي يجب إقامة “النزالات” فيها، أي نقاط الجباية، حيث يقول السلطان:
‏”كما نأمركم أن تجعلوا نزالة بالسيد سليمان بوسماحة للقبض من القوافل التي ترد من توات ووادي الساورة وغيرهم، وأخرى في ملياس بزناكة للقبض من قوافل تافيلالت وذوي منيع وأولاد جرير وغيرهم، وأخرى في العرجاء للقبض من قوافل بني كيل ومن والاهم…”.
‏ويشكل هذا المقطع دليلا قاطعا على مغربية العرجاء، لأن السلطان يحددها بنفسه كموقع من مواقع الجباية المخزنية، أي كنقطة رسمية داخل السيادة المغربية، تابعة إداريا لواحة فگيگ، وتستقبل قوافل بني كيل القبيلة المغربية المعروفة ومَن يواليها. فذكر العرجاء ضمن منظومة القبض السلطانية، وفي سياق تحديد مسؤوليات رجال المخزن، يثبت أن السلطان لم يكن يعتبرها أرضا حدودية متنازعا عليها، بل جزءا من النسيج الترابي العادي لفگيگ، تماما مثل ملياس وزناكة وبوسماحة.

‏ويختم السلطان رسالته بتحذير إداري واضح حين يقول: “وتبيان ما يعطيه كل واحد في التقييد طيه فاقتصروا عليه ولا عمل على ما كان عليه أكسيم رفقا بأهل القوافل المذكورين، والسلام في 15 جمادى الأولى عام 1308 هجرية.”
‏وهو ما يعكس دقة التقييد المالي وصرامة النظام الجبائي، ويؤكد أن العرجاء خضعت لمساءلة إدارية وضريبية مغربية دقيقة، لا يمكن أن تُفرض إلا داخل مجال سيادي مغربي محض.
‏إن هذه الوثيقة بما تتضمنه من أوامر صريحة، وأسماء محددة، ومواقع دقيقة، ومهام إدارية واضحة، تشكل شهادة تاريخية لا غبار عليها بأن العرجاء او العرجة كانت جزءا أصيلا من تراب فگيگ، وأنها كانت مندمجة بشكل طبيعي في المنظومة المخزنية، وأن المغرب كان يمارس عليها وعلى مسالكها ومزارعها والقوافل التي تمر عبرها سلطة فعلية ومستمرة.
‏ولذلك فإن كل الادعاءات التي ظهرت في الزمن المعاصر حول “عدم مغربية العرجاء” تنهار بالكامل أمام هذه الوثيقة الرسمية الصادرة من السلطان نفسه، والتي تُثبت بالبينات التاريخية والإدارية أن العرجة مثل سائر واحة فگيگ كانت أرض مغربية ثابتة الهوية والسيادة.
‏2-3-4 تبين خريطة الفرنسي هنري بارير (1865-1930) المحفوظة في مكتبة فرنسا الوطنية أن منطقة العرجة (El Ardja) مُدمجة بشكل واضح داخل المجال الجغرافي لواحة فگيگ، حيث تظهر كواحة نخيل مرتبطة مباشرة بالشبكة المائية والطرق التقليدية نفسها التي تربط قصور فگيگ، دون أي خط حدودي أو فصل إداري. وتُبرز الخريطة أن العرجة كانت جزءاً من المجال الطبيعي لفگيگ قبل ترسيم الحدود الاستعمارية، ما يجعلها دليلا تاريخيا قويا على مغربية العرجة.
VITAL
تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد