الصحراء اليومية/العيون

قررت جبهة البوليساريو تأجيل مؤتمرها الشعبي العام الذي كان مقررا قبل نهاية السنة الجارية في خطوة أثارت جدلا واسعا داخل مخيمات تندوف وخارجها، ورغم محاولة القيادة تبرير القرار بأسباب تنظيمية ولوجستية لكن حسب تسريبات داخلية ومعطيات متعددة، فقد ثبت أن الدوافع الحقيقية للتأجيل هي أسباب أمنية وسياسية بالدرجة الأولى.
قيادة البوليساريو توصلت بتقرير أمني سري حذرها من احتمال تحول المؤتمر إلى ساحة احتجاجات سيقودها شباب غاضب وتيارات معارضة تنشط منذ مدة بالمخيمات ومنها مجموعات للتغيير اتخذت من توقيع العرائض ضد القيادة نهجا لها، وهي المبادرات التي انضم لها فاعلون سياسيون وقادة كبار بما يسمى الجيش ولم يسلم من الحركات السلك الدبلوماسي الذي انخرط كثيرون في مساره، كل ذلك جعل القيادة تعيش مخاوف بسبب ما تحدث عنه التقرير من نية المعارضين اقتحام قاعات المؤتمر أو تخريبها وحتى احتمال تعرض صحفيين أو ضيوف أجانب لمحاولات اختطاف، وهو سيناريو تخشى القيادة أن يفضح وضع المخيمات دوليا ، من جانب آخر عزا البعض قرار تأجيل المؤتمر لأسباب انتظار ما سيتضمنه تقرير مجلس الأمن الدولي المرتقب حول النزاع المفتعل على الصحراء، إذ تتخوف عصابة القيادة من أن يزيد التقرير من تعزيز الدعم لمبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي الأمر الذي سيضعها في موقف حرج أمام أتباعها ويكشف أزمة خطابها السياسي المتناقض .
وعليه، فإن قرار تأجيل المؤتمر لا يبدو مجرد إجراء تنظيمي حسب ما تروج له عصابة القيادة بل نتيجة ارتباك سياسي وخشية من انفجار الوضع الداخلي وتراجع سيطرة القيادة على الأوضاع في المخيمات في ظل تغير المواقف الدولية وتراجع الدعم الخارجي وانهيار الوضع الأمني وتفشي ظواهر الانحراف التي غذت الانفلات الأمني الذي سيؤثر لا محالة على تنظيم المؤتمر القادم .
