أَشْهُر قليلة وتحل الذكرى العشرون لتأسيس قناة العيون، التلفزيون الذي عد إحداثه بقلب الصحراء المغربية نقلة إعلامية نوعية واستثنائية بالجهات الجنوبية.
القناة التي أرسى بنيانها الراحل محمد لغضف الداه ومجموعة تعد على رؤوس الأصابع من الرعيل الأول لتلفزيون الصحراء ، الذين تفوقوا في تنزيل مفهوم إعلام القرب الذي سنه القائمون على الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ، وخصوصا مهندس الإجراء فيصل لعرايشي الرئيس المدير العام.
منذ أن رأت النور في السادس من نونبر من العام 2004 ، عكست هذه التجربة الإعلامية المتفردة ذوقا وتوجها سليما يجعل من هذه المنصة مرآة تعكس مظاهر التطور والنماء بالأقاليم الجنوبية ، وتواكب دينامية المجتمع الحساني وتترجم بذلك جهود المملكة المغربية لتحقيق الرخاء والرفاه لساكنة الصحراء، عبر برامج ومخططات و أوراش رائدة وواعدة تجني الجهات الجنوبية ثمارها اليوم .
هي تجربة إعلامية تصدت ببسالة في عديد المعارك الإعلامية لمناورات المتربصين والمتآمرين على أمن واستقرار المملكة، ومكنت من تحقيق اختراقات غير مسبوقة من داخل مخيمات الذل والعار جنوب الجزائر، واستطاعت في أكثر من مناسبة فضح واقع البؤس والحرمان والفقد وكل أشكال الاضطهاد التي يكابدها صحراويو مخيمات تندوف المغلوبون على أمرهم ، بل وتمكنت من فتح نافذة من عمق جبهة البوليساريو أنارت طريق أعداد مهمة من المغرر بهم للقطع مع حالة التيه ومطاردة السراب، ومن تمت العودة الطوعية إلى أرض الوطن فرارا من جحيم عصابة البوليساريو، وهو ماجعل منها الرأس المطلوب رقم واحد بالنسبة لقيادة الرابوني.
هي قناة ساهمت كذلك بقسط وافر في حماية الرصيد الثقافي للمجتمع “البيظاني “، والحفاظ على كل أشكال التعبيرات التراثية لنسيج بني حسان ، ويشهد لها أيضا دورها الموثر في تشجيع الكثير من المبادرات التي نحت في هذا المنحى.
منذ التأسيس كان لها عظيم الفضل أيضاً في إدماج فئة عريضة من شباب الصحراء المغربية في سلك الإعلام السمعي البصري، وهم اليوم الذين يديرون بحنكة وكفاءة عالية هذه التجربة الفريدة من نوعها شمال القارة الأفريقية وعلى امتداد العالم العربي.
ويحسب لهم فضل التطور الكبير الذي شهدته القناة في السنين الأخيرة وزيادة إشعاعها ليس فقط داخل التراب الوطني بل بدول الساحل والصحراء ومختلف البلدان عبر كافة قارات العالم التي تضم جالية مهمة متحدرة من الصحراء المغربية، لا تفوت مشاهدة وتتبع مستجدات منطقتهم الأصل عبر هذه القناة الفتية التي تفوقت في تقديم تركيبة متوازنة من المواد الإخبارية والبرامج المتنوعة تحكمها شبكة برامجية تراعي الأذواق الحقيقية والخصوصيات الفريدة للمشاهد الحساني.
ليس هذا فحسب، بل ارتقت نجاحاتها كقناة قائمة الذات إلى حد الخوض في منافسة شرسة مع مجموعة من المحطات التلفزية بعديد البلدان المجاورة ( بنو حسان )، لاستقطاب ملايين المشاهدين بفضل الذكاء في اختيار التوليفة البرامجية التي تصل إلى تحقيق نسب مشاهدة قياسية ، ولا أدل على ذلك الشبكة البرامجية المعتمدة خلال شهر رمضان، والتي تحقق نسب مشاهدة قياسية.
هذا كله بفضل سياسة ناجعة اعتمدتها دوائر مركز القرار ( الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ) وحكامة التدبير والتسييير على مستوى القناة ، جسدها على الميدان ثلة من الكوادر والطاقات التي راكمت تجارب وخبرات سنوات طوال في تحريك دواليب قناة العيون ، التي أضحت اليوم علامة فارقة ورقما صعبا في معادلة التنمية والتطور والنماء والازدهار بالصحراء المغربية.