صقور قيادة البوليساريو أو ما بات يطلق عليه في الآونة الأخيرة “عصافير ” القيادة ، نكاية فيها ودلالة على ضعفها وهوانها بعد سنوات طويلة من الترهيب والتخويف، أصبحت الصقور الخرفة والعجوزة مثار سخرية الصحراويين بالمخيمات، وما شهدته الساحة من صراع وتلاسن بين قيادات الصف الأول عرَّت واقع مسؤولي جبهة البوليساريو وتفكك وحدتهم وشتات شملهم واختلاف رأيهم، حتى بات كل منهم يسلك طريقا غير طريق الآخر ولا يجتمعون إلا في المناسبات والاجتماعات ذات الضرورة القصوى، وصلت حد انعدام التصافح وإلقاء التحية فيما بينهم .
لم تكن خرجات البشير مصطفى السيد ، ومعه أبي البشير بشرايا وعدد كبير من الأطر الموالية لهم، هو الإعلان الوحيد عن التمرد على ابراهيم غالي، بل خرجت فئات وأطياف جديدة من مختلف التوجهات، وانضمت قيادات أخرى بارزة، منها على سبيل المثال لا الحصر محمد سالم ولد السالك الذي انضم الى كوكبة الأطر والكوادر السياسية الغاضبة من زعيم البوليساريو، ومؤازرا كمن سبقه من القياديين لزمرة القادة العسكريين المتمردين داخل صفوف ما يسمى “الجيش الصحراوي “، الذين أفشلت الجزائر محاولتهم الانقلابية ضد ابراهيم غالي الشهر الماضي. لم تعد الانقلابات الفاشلة لوحدها مصدر قلق ابراهيم غالي ومن يؤازرونهم على قلتهم، بل أصبح الخوف كل الخوف من تزايد التمرد وسط صفوف كبار القادة الذين يتحكم كل منهم في جيوش من الأطر والعاملين داخل المؤسسات فضلا عن أبناء عمومة كل منهم، ناهيك عن الثروات التي يملكونها والقادرة على نسف زعامة ابراهيم غالي واقتلاعه من مكانه بأشرس الطرق، غير أن ما يمنع غالبيتهم هو الخوف من هامش الخطأ عند المبادرة، والتوجس من ردود الافعال الداخلية بالمخيمات وحتى الشق الخارجي المتعلق بالحاضنة الجزائر التي تتحكم في الجميع. الوضع الكارثي الذي وصلته جبهة البوليساريو، جعلت المخيمات ساحة حرب مفتوحة ومكانا لاستعراض القدرات بين مختلف الأطراف، فمنهم من يوظف اللصوص وقطاع الطرق ومنهم من يدفع بتجار المخدرات، وآخرون يستعرضون السلاح في عمليات تتم داخل المخيمات، لإظهار فشل المنظومة الأمنية للبوليساريو تحت قيادة ابراهيم غالي، غير أن كل الجولات والتحركات الخطيرة، لم تزد ساكنة المخيمات سوى اقتناعا بأن الأوان قد حان للتخلص من قيادة البوليساريو كلها، والتعجيل بإعفاءها بأي شكل من الأشكال، ولو تطلب الأمر سجنها أو وضعها تحت الإقامة الجبرية، وفي أسوأ الأحوال يرى البعض من الحكماء والمسالمين، أن يتنحوا عن السلطة ويعينوا في مجلس استشاري ، ويتركوا مناصبهم للشباب ، لينقذوا ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان. الساكنة على يقين تام أن القيادة قد ضيعت على الصحراويين فرصا كثيرة، ولن يقبلوا أن تضيع آخر ورقة يقدمها المغرب كمقترح لحل النزاع المفتعل حول الصحراء، وهي الحكم الذاتي ، الذي أصبحت الغالبية داخل المخيمات تراه حلما سيستحيل تحقيقه هو الآخر إن بقيت نفس القيادة الفاشلة أو إن سمح لها بتعويض نفسها بمن يشبهها في التفكير والايمان بالمشروع الوهمي الذي ضيع الصحراويين لقرابة خمسة عقود ولا يمكن القبول بتضييع الفرصة على الأجيال القادمة وحرمانهم من لم شملهم على أرض الصحراء المغربية التي تتسع لجميع الأطياف والأعراق، وعليه وجب التحرك العاجل لاقتلاع القيادة الفاشلة بالسرعة القصوى، وهي مسألة وقت، فإما أن تكون نهايتها على أيديها ومن أبنائها، وإما أن تكون على أيدي آلاف الصحراويين المضطهدين داخل مخيمات تندوف.